تفسير سوة البقرة آية (22 - 23 )
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سوة البقرة آية (22 - 23 )
القـرآن
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً
وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ
رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ) (22).(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى
عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ
دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (23).
التفسير:
.{ 22 } قوله تعالى: { الذي جعل لكم الأرض فراشاً... } جعل الله
لنا الأرض فراشاً مُوَطَّأة يستقر الإنسان عليها استقراراً كاملاً مهيأة له
يستريح فيها . ليست نشَزاً؛ وليست مؤلمة عند النوم عليها، أو عند السكون
عليها، أو ما أشبه ذلك؛ والله تعالى قد وصف الأرض بأوصاف متعددة: وصفها
بأنها فراش، وبأنها ذلول، وبأنها مهاد..
قوله تعالى: { والسماء بناءً } . السماء جعلها الله بمنزلة البناء، وبمنزلة السقف،
قوله تعالى: { وأنزل من السماء ماءً }: ليست هي السماء الأولى؛ بل المراد بـ{ السماء } هنا العلو؛
لأن الماء . الذي هو المطر . ينزل من السحاب، والسحاب بين السماء، والأرض،
؛ وبهذا نعرف أن السماء يطلق على معنيين؛ المعنى الأول: البناء الذي فوقنا؛ والمعنى الثاني: العلو..
قوله تعالى: { فأخرج به } أي بسببه؛
{ من الثمرات } جمع ثمرة؛ وجمعت باعتبار أنواعها..
قوله تعالى: { رزقاً لكم } أي عطاء لكم؛ وهو مفعول لأجله..
قوله تعالى: { فلا تجعلوا } أي لا تُصَيِّروا
{ لله أنداداً } أي نظراء، ومشابهين في العبادة
{ وأنتم تعلمون } أنه لا نِد له في الخلق، والرزق، وإنزال المطر، وما أشبه ذلك من معاني الربوبية، ومقتضياتها؛
لأن المشركين يقرُّون بأن الخالق هو الله، والرازق هو الله، والمدبر للأمر هو الله إقراراً تاماً،
ويعلمون أنه لا إله مع الله في هذا؛ لكن في العبادة ينكرون التوحيد: يشركون؛ يجعلون مع الله إلهاً آخر؛
وينكرون على من وحّد الله حتى قالوا في الرسول صلى الله عليه وسلم {أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب} [ص: 5] ؛
وإقرارهم بالخلق، والرزق أن الله منفرد به يستلزم أن يجعلوا العبادة لله وحده؛
فإن لم يفعلوا فهم متناقضون؛ ولهذا قال العلماء . رحمهم الله .:
توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية؛ وتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد
الألوهية؛
يعني من أقر بتوحيد الربوبية لزمه أن يقر بتوحيد الألوهية؛ ومن أقر
بتوحيد الألوهية فإنه لم يقرَّ بها حتى كان قد أقر بتوحيد الربوبية..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: بيان رحمة الله تعالى، وحكمته في جعل الأرض
فراشاً؛ إذ لو جعلها خشنة صلبة لا يمكن أن يستقر الإنسان عليها ما هدأ لأحد
بال؛ لكن من رحمته، ولطفه، وإحسانه جعلها فراشاً..
.2 ومنها: جعْل السماء بناءً؛ وفائدتنا من جعل السماء بناءً أن
نعلم بذلك قدرة الله عزّ وجلّ؛ لأن هذه السماء المحيطة بالأرض من كل
الجوانب نعلم أنها كبيرة جداً، وواسعة،
.3 ومنها: بيان قدرة الله عزّ وجلّ بإنزال المطر من السماء؛
.4 ومنها: حكمة الله سبحانه وتعالى، ورحمته بإنزال المطر من
السماء؛ وجه ذلك: لو كان الماء الذي تحيى به الأرض يجري على الأرض لأضر
الناس؛
ولو كان يجري على الأرض لحُرِم منه أراضٍ كثيرة .
الأراضي المرتفعة لا يأتيها شيء؛ ولكن من نعمة الله أن ينزل من السماء؛ ثم هناك شيء آخر أيضاً: أنه ينزل رذاذاً .
يعني قطرةً قطرةً؛ ولو نزل كأفواه القرب لأضر بالناس..
.5 ومنها: إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى: ( فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم )..
.6 ومنها: أن الأسباب لا تكون مؤثرة إلا بإرادة الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: ( فأخرج به )..
.7 ومنها: أنه ينبغي لمن أراد أن يضيف الشيء إلى سببه أن يضيفه إلى الله مقروناً بالسبب،
مثل لو أن أحداً من الناس غرق، وجاء رجل فأخرجه . أنقذه من الغرق؛
فليقل: أنقذني الله بفلان؛ وله أن يقول: أنقذني فلان؛ لأنه فعلاً أنقذه؛ وله أن يقول: أنقذني الله ثم فلان؛
وليس له أن يقول: أنقذني الله وفلان؛ لأن هذا تشريك مع الله؛ ويدل لهذا . أي الاختيار أن يضيف الشيء إلى الله مقروناً بالسبب .
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعا الغلام اليهودي للإسلام وكان هذا الغلام في سياق الموت،
فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلم، فأسلم؛ لكنه أسلم بعد أن استشار أباه: التفت إليه ينظر إليه يستشيره؛
قال: "أطع أبا القاسم" . أمر ولده أن يسلم، وهو لم يسلم في تلك الحال، أما بعد فلا ندري، والله أعلم؛
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار"(68) ،
وهكذا ينبغي لنا إذا حصل شيء بسبب أن نضيفه إلى الله تعالى مقروناً ببيان السبب؛ وذلك؛ لأن السبب موصل فقط..
.8 . ومن فوائد الآية: بيان قدرة الله، وفضله بإخراج هذه الثمرات
من الماء؛ أما القدرة فظاهر: تجد الأرض شهباء جدباء ليس فيها ورقة خضراء
فينزل المطر،
وفي مدة وجيزة يخرج هذا النبات من كل زوج بهيج بإذن الله عزّ وجلّ،
.9 ومنها: أن الله عزّ وجلّ منعم على الإنسان كافراً كان، أو مؤمناً؛ لقوله تعالى: { لكم }،
وهو يخاطب في الأول الناس عموماً؛ لكن فضل الله على المؤمن دائم متصل بفضل الآخرة؛
وفضل الله على الكافر منقطع بانقطاعه من الدنيا..
.10 ومنها: تحريم اتخاذ الأنداد لله؛ لقوله تعالى: { فلا تجعلوا لله أنداداً }؛
وهل الأنداد شرك أكبر، أو شرك أصغر؛ وهل هي شرك جلي، أو شرك خفي؛ هذا له تفصيل في علم التوحيد؛
خلاصته: إن اتخذ الأنداد في العبادة، أو جعلها شريكة لله في الخلق،
والملك، والتدبير فهو شرك أكبر؛ وإن كان دون ذلك فهو شرك أصغر، كقول الرجل
لصاحبه: "ما شاء الله وشئت"..
.11 . ومن فوائد الآية: أنه ينبغي لمن خاطب أحداً أن يبين له ما
تقوم به عليه الحجة؛ لقوله تعالى: { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون
}،
ولقوله تعالى في صدر الآية الأولى: {اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين
من قبلكم} [البقرة: 21] ؛ فإن قوله تعالى: {الذي خلقكم والذين من قبلكم}
[البقرة: 21] فيه إقامة الحجة على وجوب عبادته وحده؛ لأنه الخالق وحده..
رفيده- عضو متالق
- الجنس : عدد المساهمات : 1215
0
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
الموقع : مفاتيح الجنه
ام منه- مصمم
- الجنس : عدد المساهمات : 168
0
تاريخ التسجيل : 25/01/2011
رد: تفسير سوة البقرة آية (22 - 23 )
ام منه كتب:
رفيده- عضو متالق
- الجنس : عدد المساهمات : 1215
0
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
الموقع : مفاتيح الجنه
مواضيع مماثلة
» تفسير سوة البقرة آية (13 - 14 - 15 )
» تفسير سوة البقرة آية (16 - 17 - 18 )
» تفسير سوة البقرة آية (19 - 20 )
» تفسير سوة البقرة آية (21)
» تفسير سوة البقرة آية (25 )
» تفسير سوة البقرة آية (16 - 17 - 18 )
» تفسير سوة البقرة آية (19 - 20 )
» تفسير سوة البقرة آية (21)
» تفسير سوة البقرة آية (25 )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يوليو 31, 2018 1:57 am من طرف نورالايمان
» الأمل في حياة المؤمن
الثلاثاء نوفمبر 21, 2017 5:19 am من طرف نورالايمان
» منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بانتسابكم اليه
الأربعاء أغسطس 13, 2014 9:41 pm من طرف انور ابو البصل
» اروع ما يمكن ان تشاهد وتسمع....سبحان الله
الأحد فبراير 02, 2014 1:12 pm من طرف سفيان الخزندار
» فاتبعوني الحلقة 6 - وسائل التعليم
الأربعاء سبتمبر 18, 2013 4:34 pm من طرف 3ahd
» فاتبعوني الحلقة 5 - تعامل النبي مع المرأة
الإثنين سبتمبر 16, 2013 6:36 pm من طرف 3ahd
» هل فكرنا يوما فى
السبت سبتمبر 14, 2013 3:48 pm من طرف 3ahd
» الحلقة 4 - اوقات مباركة
السبت سبتمبر 14, 2013 3:34 pm من طرف 3ahd
» كتاب الصلاة " بَابُ صفَة صَلاة النَّبي صلى الله عليه وسلم"
السبت سبتمبر 14, 2013 1:26 pm من طرف نورة