الأخلاق (7)

من طرف رفيده الثلاثاء سبتمبر 06, 2011 9:16 am

22-البخل:

فالبخل من مساوئ الأخلاق ، ومن المخلات بالدين والمرؤة ، وهو مما يجلب الشقاء لصاحبه في الدنيا والآخرة .

والبخيل بعيد من الله ، بعيد من خلق الله ، بعيد من الجنة ، قريب من النار .

والبخيل ضيق الصدر ، صغير النفس ، قليل الفرح ، كثير الهمِ ، والغم ، لا يكاد يقضي حاجة ، ولا يعان على مطلوب .

فتجد من الناس من يبخل بفضل ماله ، مع أن لديه من المال ما يكفيه وذريته آلاف السنين لو عاشوها .

ومن الناس من يبخل بجاهه ، فلا يبذله في سبيل الخير من إعانةلمظلوم ، أو شفاعة حسنة لمستحقها ، أو نحو ذلك .

ومن الناس من يبخل بنصحه ، فلا ينصح أحداً ، بل ربما لو استنصح لبخل بالنصيحة .

وهذا وللبخل أبواب كثيرة ، والغامض من تلك الأبواب أكثر وأكثر .

23- المنة في العطية ونحوها :

فمن الناس من إذا أعطى عطاءً ، أو بذل نصيحة ، أو أسدى معروفاً – أتبعه بالمن والأذى ، والإدلال على من أحسن إليه .

وذلك الصنيع خلق ساقط ، لا يليق بأولي الفضل ، ولا يحسن حال ضرورة ، ولا سيما مِنَة تجئ من غير ذي طبع كريم ، أو قدر رفيع .

قال – تعالى – : " يا ايها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ". ]البقرة ، 14 [

وعن أبي ذر – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله وعليه وسلم – قال
: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ،
ولهم عذاب أليم .

قال : فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثلاث مرات .

قال : أبو ذر : خابوا وخسروا ، من هم يا رسول الله ؟

قال : المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " .

قال رجل لِبَنْيهِ : " إذا اتخذتم عند رجل يداً فانسوها " .

وقالوا : " المنة تهدم الصنيعة " .

وقال ابن عباس – رضي الله عنهما - : " لا يتم المعروف إلا بثلاث :
بتعجيله ، وتصغيره ، وستره ، فإذا أعجله هنأه ، وإذا صغره عظمه ، وإذا ستره
تممه " .

وقال شاعر :

أفسدت بالمنِِ ِ ما اسديت من حسن ٍ ...... ليس الكريم إذا أسدى بمنان

ومع أن المنة وتعداد الأيادي ليس من صفات الكرام – إلا أن ذلك يحسن ويسوغ في حال المعاتبة والإعتذار .

قال ابن حزم – رحمه الله – : " حالان يحسن فيهما ما يقبح في غيرهما
، وهما المعاتبة ، والإعتذار ، فإنه يسحن فيهما تعديدُ الأيادي ، وذكرُ
الإحسان ، وذلك غاية القبح فيما عدا هاتين الحالتين ".

24- إخلاف الوعد :

فإخلاف الوعد من الصفات الذميمة ، ومن الخصال المرذلة ، فهو شعبة من شعب النفاق ، وآية من آيات المنافقين .

قال – عليه الصلاة والسلام - : " آية المنافق ثلاث : إذا حدَث كذب ، وإذا أؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف " .

وكرام الناس ينفرون من هذه الخصلة ، ويأنفون من الأتصاف بها .

قال المثنىبن حارثهة الشيباني : " لأن أموت عطشاً أحبُ إليَ من أخلف موعداً " .

ولقد ابتلي بهذه الخصلة كثير من المسلمين ، فما أقل الوفاء بالوعد ،
وما اكثر الخلف فيه ، حتى خُيِلَ لكثير من المنهزمين ، وممن يحملون الإسلام
خطأ المنتسبين إليه – أن الخلفَ من صفات المسلمين ، وان الوفاء بالوعد
وإنجازه من صفات الكافين !

حتى أن بعضهم إذا أراد تأكيد الموعد قال : أعطني وعداً إنجليزياً !

ومن مظاهر إخلاف الوعد الشائعه بين الناس ما يلي :

أ‌- الخلف مع الأولاد :

فكثير من الوالدين من إذا أراد إسكات طفله ، أو أراد التخلص منه إذا
تعلق به عند الخروج من المنزل أو نحو ذلك – تجدهُ يَعِدُه بهدية ، أو حلوى
أو نحو ذلك ، ثم يخلف ما وعد به .

فهذا مما يعود الطفل إخلاف الوعد ، فينشأ وقد أَلِفَ هذه الخصلة السيئة .

ب‌- المزاح الثقيل ، أو ما يسمى ب "المقالب" :

فيحصل أن يقوم شخص بدعوة أصحابة في مكان محدد ، وفي زمان محدد ، وربما
كان المكالن بعيداً ، فيخبرهم بأنه سيحضر لهم الطعام في ذلك المكان والزمان
المحددين ، مع أنه قد بَيًتَ النية بالخلف .

فإذا ما جاءوا للك المكان لم يجدوا ما وُعِدوا به ، وربما طال بهم الأنتظار ، فإذا أيسوا عادوا أدراجهم .

فهذا الرجل جمع بصنيعه هذا عدداً من الأعمال القبيحة ، فجمع بين الكذب ، وقلة الحياء ، وإخلاف الوعد ، وأذيةِ المسلمين .

ج- التأخر عن المواعيد المحددة المرتبطة بأعمال معينة :

فما أكثر وقوع هذا الأمر ، وما أقل من يضبط مواعيده ، وما اكثر الآثار
المترتبة على ذلك ، فتأخر دقائقَ عن موعد البدء المحدد معناه ضياع دقائق من
وقت العمل ، وذلك يؤدي إلى نتيجتين :

إما الإساع في العمل وعدم الدقة فيه ، لتعويض الزمن الفائت ،

وغما التعدي على أوقات خصصت لواجبات أخرى .

د- التأخر في المجئ للمضيف :

فكثيراً ما يعد أحد الناس أضيافه بموعد محدد ليأتوه به ، ثم يتأخر
الأضياف أو بعضهم مدة طويلة عن الموعد المحدد ، وقد يكون التأخر بلا عذر ،
مما يربك المضيف ، ويوقعه في الحرج ، كما يتسبب في إضاعة الوقت للمضيف ولمن
جاءوا في الوقت المحدد .

ه- التأخر في إرجاع الكتب المستعارة :

فيحصل كثيراً أن يأتي أحد لصاحب المكتبة ، أو طالب علم لدية مكتبة فيطلب منه أن يعيره كتاباً ، ويعده بأن يرجعه في أقرب وت .

فإذا أخذ الكتاب ، وحصل منه الفائدة التي يرجوها – تأخر في إرجاع
الكتاب ، وماطل في ذلك كثيراً ، بل ربما أضاعه ، حتى أن صاحب الكتاب ليستحي
من كثرة التودد إليه ، والتردد عليه ، كي يرجع الكتاب .

و- التأخر في سداد الدين :

وقد مر عند الحديث عن قلة الحياء ذكر ذلك .

ز- الخلف في العطاء :

وهذا يقع كثيراً، فتجد من الناس من يعد غيره بهدية ، أو عطاء أو نحو ذلك فلا يفي .

وتجد من يَعِدُغيره بعطاء ، رجاء خدمة يقوم بها ، فإذا حصل على بغيته أخلف موعده ، وتناسى صاحبه .

وهذه بعض مظاهر الخلف بالوعد التي تنتشر بين أوساط الناس والتي
تسود بسببها الفرقة ، وتحل بها القطيعة ، وتفقدُ الثقة ، فإخلاف الوعد من
مساوئ الأخلاق

قال زياد الأعاجم :

لله درُك من فتىً ..... لو كنت تفعل ما تقول

لا خير في كذب الجوا ..... د وحبذا صدق البخيل

وقال ابن حازم:

إذا قلت عن شئٍ نعم فأتمه ....... لإان نعم دَيْنٌ على الحرِ واجبُ

وإلا فقل :لا ، تسترحْ وتُرِحْ بها ... ل~لا يظنَ الناسُ أنك كاذبُ

الأخلاق (7) 56867562_14532173_43289132