الأخلاق (4)

من طرف رفيده الثلاثاء سبتمبر 06, 2011 9:03 am

نتابع مظاهر سوء الخلق :

11- التجسس والتحسس :

أصل التجسس : تعرف الشئ عن طريق الجس أي الأختبار باليد ،

وقيل أنه : البحث عن العورات .. وبواطن الأمور ، وأكثر ما يكون في الشر..

والتحسس : تعرفه عن طريق الحواس ، ويدرك بحاسة العين والأذن ،

ثم استعملا في البجث عن عيوب الناس.. وهو الأستماع لحديث القوم ..

وقيل التجسس تتبع العورات لأجل غيره ، والتحسس تتبعها لنفسه ..

وكلاهما مما لا ينبغي ، بل نكتفي بالظاهر ، وتكل الباطن إلى العليم الخبير ،

إلا إذا كان التجسس طريقا لدرء مفسده كبيره ،أو جلب مصلحه عظيمه ،

كما لو علمنا أن أناسا عزموا على أرتكاب جريمه قتل أو سرقه أو نجو ذلك ، فتجسسنا عليهم ،

لنحول بينهم وبين ما يشتهون – فلا حرج .

أما إذا قصد بذلك تتبع العثرات ، والفرح بالزلات – فهذا هو المحذور الذي لا ينبغي فعله ، ولا الإقدام عليه .

دأب كثير من الناس ، حيث تجده متتبعاً لعثرات أخوانه ، متناسياً حسناتهم ،

فإذا سمع قبيحاً فرح به وبشر ، وإذا سمع حسناً ساءه ذلك وستره .

إن يسمعوا سيئاً طاروا به فرحا ****** مني وما سمعوا من صالحٍ دفنوا

وكما قال الآخر :

يمشون في الناس يبغون العيوب لمن ****** لا عيب فيه لكي يسترف العطب .

إن يعلموا الخير يخفوه وإن علموا ******** شراً أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا .

فمن هذا دأبه وديدنه فهو من أحقر الناس وأسفلهم .

شر الورى بعيوب الناس مشتغل ******* مثل الذباب يراعي موطن العلل

قال ابن حبان –رحمه الله - : " فمن اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه
عمي قلبه ، وتعب بدنه ، وتعذر عليه ترك عيوب نفسه ،فأن أعجز الناس من عاب
الناس بما فيهم ، وأعجز منه من عابهم بما فيه "

ويقال لمن فرح بزلات إخوانه : لا تفرح ، فلابد أن تقع في الخطأ في يوم ما ، وحينئذٍ:

فلا تغضبن من سيرةٍ أنت سرتها ****** وأول راضٍ سيرةً من يسيرها .

12- مقابلة الناس بوجهين :

فنجد من الناس من يظهر لجليسه الموافقه والموده ، ويلقاه بالبشر والترحاب .

فإذا ما توارى عنه سلقه بلسان حاد ، وشتمه وأقذع في سبه !

وهذه الصفه من أحط الصفات وأخسها ، وصاحبها من شر الناس ، وأوضعهم .

قال النبي –صلى الله عليه وسلم _ : " تجدون شر الناس ذا الوجهين ، الذي يلقى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " .

قال إبراهيم بن محمد :

وكم من صديق ودهُ بلسانه ....... خؤونٌ بظهر الغيب لا يتذممُ

يضاحكني عُجْباً إذا ما لقيتهُ ...... ويصدفني منه إذا غبت أسهمُ

كذلك ذوالوجهين يرضيكَ شاهدا ..... وفي غَيْبِهِ إن غابَ صابٌ وعلقمُ .

حتى أن اهل الجاهليه ينكرون مثل هذه الصفات ، قال المثقب العبدي :

إن شر الناس من يكشر لي ..... حين يلقاني وإن غبت شتم

13- إساءة الظن :

فإساءة الظن من الخلاق الذميمه ، التي تجلب الضغائن ، وتفسد المودة ، وتجلب الكدر .

ولهذا حذرنا الله – عزوجل _ من إساءة الظن كما في قوله تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) ]الحجرات [آية)12(

وقال - عليه الصلاة والسلام - : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث "

فتجد من الناس من هو سيئ الظن ، يحسب أن كل صيحة عليه ، وكل مكروه قاصد إليه ، وان الناس لا هم لهم إلا الكيد له ، والتربص به .

ومن صور سوء الظن عند بعض الناس ما يلي :

أ‌-إذا رأى أثنين يتناجيان ظن أنه هو المقصود بالنجوى .

ب‌- إذا سمع ذماً عاماً لخصله من الخصال ظن أنه هو المقصود بالذم .

ج -أذا أولم أحد أقاربه ونسي أن يدعوه – أساء الظن به ، واتهمه بأحتقاره ، وعدم المبالاه به .

د‌- إذا نصحه أحد ظن أن الناصح متغرض له ، متعال عليه ، متتبع لهفواته ، فلا يقبل منه عدلا ولا صرفا .

هـ -إذا رأى أحداً يمشي حوله ظن أنه يراقبه ويترصد له .

هذه بعض صور سوء الظن ،

وهو في الغالب لا يصدر إلا عن شخص فارغ ، لا شغل له ، ولا هم عنده ،
أو شخص سيئ الفعال ، ذي نفس مضطربه ، لذلك فهو ينظر للناس بنظره المرتاب ،

كما قال أبو الطيب المتنبي :

إذا ساء فعال المرءِ ساءت ظنونُهُ ........ وصدً قَ ما يعتاده من توهم

وعادى محبيه لـقـــــــول عداته ........ وأصبح في ليل من الشك ِ مظلمِ

وسوء الظن كذلك من الشيطان ، حيث يلقي في روع الإنسان الظنون السيئه ، وألوهام الكاذبه ، ليفسد ما بينه وبين أخوانه .

فالأحرى بالأنسان أن يستعيذ من الشيطان ، وأن يمضي في سبيله ، ويحسن ظنه بأخوانه المسلمين ، وان يحملهم على أحسن

المحامل ، وإلا فلن يريح ولن يستريح .

ولا يدخل في سوء الظن المذموم – الظن بمن أورد نفسه موارد الريب .

ولا يدخل فيه أيضا – من اساء الظن بعدوه الذي يخاف منه ، ولا يأمن مكره ،

بل يلزمه سوء الظن به ، وبمكائده ومكره ، وهذا هو الظن المحمود على كل حال .

كما انه ليس من الحزم ولا الكياسه في شئ أن يحسن المرء ظنه بكل أحد ،

ويثق به ثقه مطلقه ، فيبيح له مكنونه ، ويطلعه على كل صغيرة وكبيره من امره

بل أن هذا سذاجه ، وبلاهه ، وجهل ، وغفله .

الأخلاق (4) 56867562_3007495_40820092