أسباب تحويل القبلة والاختلاف فيها
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أسباب تحويل القبلة والاختلاف فيها
المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى ما قاله السفهاء من اليهود عند تحويل القبلة من بيت المقدس إِلى الكعبة المعظمة، وأمر رسوله بأن يتوجه في صلاته نحو البيت العتيق، ذكر في هذه الآيات أن أهل الكتاب قد انتهوا في العناد والمكابرة إِلى درجة اليأس من إِسلامهم، فإِنهم ما تركوا قبلتك لشبهة عارضة تزيلها الحجة، وإنما خالفوك عناداً واستكباراً، وفي ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم من جحود وتكذيب أهل الكتاب.
{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} أي والله لئن جئت اليهود والنصارى بكل معجزة على صدقك في أمر القبلة ما اتبعوك يا محمد ولا صلّوا إِلى قبلتك {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ} أي ولست أنت بمتبع قبلتهم بعد أن حوّلك الله عنها، وهذا لقطع أطماعهم الفارغة حيث قالت اليهود: لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن تكون صاحبنا الذي ننتظره تغريراً له عليه السلام {وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ} أي إِن النصارى لا يتبعون قبلة اليهود، كما أن اليهود لا يتبعون قبلة النصارى، لما بينهم من العداوة والخلاف الشديد مع أن الكل من بني إِسرائيل {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنْ الْعِلْمِ} أي ولئن فرض وقدّر أنك سايرتهم على أهوائهم، واتبعت ما يهوونه ويحبونه بعد وضوح البرهان الذي جاءك بطريق الوحي {إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} أي تكون ممن ارتكب أفحش الظلم، والكلام وارد على سبيل الفرض والتقدير وإِلا فحاشاه صلى الله عليه وسلم من اتباع أهواء الكفرة المجرمين، وهو من باب التهييج للثبات على الحق. .
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} أي اليهود والنصارى {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} أي يعرفون محمداً معرفة لا امتراء فيها كما يعرف الواحد منهم ولده معرفة يقين {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي وإِن جماعة منهم - وهم رؤساؤهم وأحبارهم - ليخفون الحق ولا يعلنونه ويخفون صفة النبي مع أنه منعوت لديهم بأظهر النعوت {الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ} [الأعراف: 157] فهم يكتمون أوصافه عن علم وعرفان {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ} أي ما أوحاه الله إِليك يا محمد من أمر القبلة والدين هو الحق فلا تكوننَّ من الشاكّين، والخطاب للرسول والمراد أمته.
أسباب تحويل القبلة والاختلاف فيها
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} أي لكل أمة من الأمم قبلةٌ هو مولّيها وجهه أي مائل إِليها بوجهه فبادروا وسارعوا أيها المؤمنون إِلى فعل الخيرات {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} أي في أي موضع تكونوا من أعماق الأرض أو قِمَمِ الجبال يجمعكم الله للحساب فيفصل بين المحق والمبطل {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي هو قادر على جمعكم من الأرض وإِن تفرقت أجسامكم وأبدانكم.
{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أي من أيّ مكان خرجت إِليه للسفر فتوجه بوجهك في صلاتك وجهة الكعبة {وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} تقدم تفسيره وكرّره لبيان تساوي حكم السفر والحضر {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} هذا أمر ثالث باستقبال الكعبة المشرفة، وفائدة هذا التكرار أن القبلة كان أول ما نسخ من الأحكام الشرعية، فدعت الحاجة إِلى التكرار لأجل التأكيد والتقرير وإِزالة الشبهة قال تعالى {لِئَلاَ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} أي عرّفكم أمر القبلة لئلا يحتج عليكم اليهود فيقولوا: يجحد ديننا ويتبع قبلتنا فتكون لهم حجة عليكم أو كقول المشركين: يدعي محمد ملة إِبراهيم ويخالف قبلته {إِلاَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} أي إِلا الظلمة المعاندين الذين لا يقبلون أيّ تعليل فلا تخافوهم وخافوني {وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي أتمّ فضلي عليكم بالهداية إِلى قبلة أبيكم إِبراهيم والتوفيق لسعادة الدارين.
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ} الكلام متعلق بما سبق في قوله {وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي} والمعنى كما أتممت عليكم نعمتي كذلك أرسلت فيكم رسولاً منكم {يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا} أي يقرأ عليكم القرآن {وَيُزَكِّيكُمْ} أي يطهركم من الشرك وقبيح الفعال {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} أي يعلمكم أحكام الكتاب المجيد، والسنة النبوية المطهرة {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} أي يعلمكم من أمور الدنيا والدين الشيء الكثير الذي لم تكونوا تعلمونه .
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} أي اذكروني بالعبادة والطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة {وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} أي اشكروا نعمتي عليكم ولا تكفروها بالجحود والعصيان، روي أن موسى عليه السلام قال: يا رب كيف أشكرك؟ قال له ربه: "تذكرني ولا تنساني، فإِذا ذكرتني فقد شكرتني، وإِذا نسيتني فقد كفرتني"
ابو نور الحربي- مصمم
- الجنس : عدد المساهمات : 367
0
تاريخ التسجيل : 12/02/2011
العمر : 39
الموقع : yousufnoour@hotmail.com
رفيده- عضو متالق
- الجنس : عدد المساهمات : 1215
0
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
الموقع : مفاتيح الجنه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يوليو 31, 2018 1:57 am من طرف نورالايمان
» الأمل في حياة المؤمن
الثلاثاء نوفمبر 21, 2017 5:19 am من طرف نورالايمان
» منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بانتسابكم اليه
الأربعاء أغسطس 13, 2014 9:41 pm من طرف انور ابو البصل
» اروع ما يمكن ان تشاهد وتسمع....سبحان الله
الأحد فبراير 02, 2014 1:12 pm من طرف سفيان الخزندار
» فاتبعوني الحلقة 6 - وسائل التعليم
الأربعاء سبتمبر 18, 2013 4:34 pm من طرف 3ahd
» فاتبعوني الحلقة 5 - تعامل النبي مع المرأة
الإثنين سبتمبر 16, 2013 6:36 pm من طرف 3ahd
» هل فكرنا يوما فى
السبت سبتمبر 14, 2013 3:48 pm من طرف 3ahd
» الحلقة 4 - اوقات مباركة
السبت سبتمبر 14, 2013 3:34 pm من طرف 3ahd
» كتاب الصلاة " بَابُ صفَة صَلاة النَّبي صلى الله عليه وسلم"
السبت سبتمبر 14, 2013 1:26 pm من طرف نورة