تفسير سورة القمر من الآية 1 إلى الآية 17
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة القمر من الآية 1 إلى الآية 17
بَين يَدَيْ السُّورَة
*
سورة الْقَمَر من السور المكية، وقد عالجت أصول العقيدة الإِسلامية، وهي من بدئها
إِلى نهايتها حملةٌ عنيفةٌ مفزعة على المكذبين بآيات القرآن، وطابع السورة الخاص،
هو طابع التهديد والوعيد، والإِعذار والإِنذار، مع صور شتَّى من مشاهد العذاب
والدمار.
سورة الْقَمَر من السور المكية، وقد عالجت أصول العقيدة الإِسلامية، وهي من بدئها
إِلى نهايتها حملةٌ عنيفةٌ مفزعة على المكذبين بآيات القرآن، وطابع السورة الخاص،
هو طابع التهديد والوعيد، والإِعذار والإِنذار، مع صور شتَّى من مشاهد العذاب
والدمار.
*
ابتدأت السورة الكريمة بذكر تلك "المعجزة الكونية" معجزة انشقاق القمر،
التي هي إِحدى المعجزات العديدة لسيد البشر صلى الله عليه وسلم، وذلك حين طلب
المشركون منه معجزة جلية تدل على صدقه، وخصصوا بالذكر أن يشق لهم القمر ليشهدوا له
بالرسالة، ومع ذلك عاندوا وكابروا {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ
الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ..}
الآيات.
ابتدأت السورة الكريمة بذكر تلك "المعجزة الكونية" معجزة انشقاق القمر،
التي هي إِحدى المعجزات العديدة لسيد البشر صلى الله عليه وسلم، وذلك حين طلب
المشركون منه معجزة جلية تدل على صدقه، وخصصوا بالذكر أن يشق لهم القمر ليشهدوا له
بالرسالة، ومع ذلك عاندوا وكابروا {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ
الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ..}
الآيات.
*
ثم انتقلت للحديث عن أهوال القيامة وشدائدها، بأسلوب مخيف يهز المشاعر
هزاً، ويحرك في النفس الرعب والفزع من هول ذلك اليوم العصيب{فَتَوَلَّ
عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ* خُشَّعًا
أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ
مِنَ
الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ* مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ
عَسِرٌ}.
ثم انتقلت للحديث عن أهوال القيامة وشدائدها، بأسلوب مخيف يهز المشاعر
هزاً، ويحرك في النفس الرعب والفزع من هول ذلك اليوم العصيب{فَتَوَلَّ
عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ* خُشَّعًا
أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ
مِنَ
الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ* مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ
عَسِرٌ}.
*
وبعد الحديث عن كفار مكة، يأتي الحديث عن مصارع المكذبين، وما نالهم في
الدنيا من ضروب العذاب والدمار بدءاً بقوم نوح {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ
نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ
وَازْدُجِرَ..}.
وبعد الحديث عن كفار مكة، يأتي الحديث عن مصارع المكذبين، وما نالهم في
الدنيا من ضروب العذاب والدمار بدءاً بقوم نوح {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ
نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ
وَازْدُجِرَ..}.
*
ثم تلاه الحديث عن الطغاة المتجبرين من الأمم السالفة، الذين كذبوا
الرسل فأهلكهم الله إِهلاكاً فظيعاً، ودمَّرهم عن بكرة أبيهم، وقد تحدثت الآيات عن
قوم "عاد، وثمود، وقوم لوط، وقوم فرعون" وغيرهم من الطغاة المتجبرين بشيءٍ من
الإِسهاب، مع تصوير أنواع العذاب.
ثم تلاه الحديث عن الطغاة المتجبرين من الأمم السالفة، الذين كذبوا
الرسل فأهلكهم الله إِهلاكاً فظيعاً، ودمَّرهم عن بكرة أبيهم، وقد تحدثت الآيات عن
قوم "عاد، وثمود، وقوم لوط، وقوم فرعون" وغيرهم من الطغاة المتجبرين بشيءٍ من
الإِسهاب، مع تصوير أنواع العذاب.
*
وبعد عرض هذه المشاهد الأليمة - مشاهد العذاب والنكال - الذي حلَّ
بالمكذبين لرسل الله صلى الله عليه وسلم توجهت السورة إِلى مخاطبة قريش، وحذرتهم
مصرعاً كهذه المصارع بل ما هو أشد وأنكى {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ
الدُّبُرَ* بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى
وَأَمَرُّ...} الآيات.
وبعد عرض هذه المشاهد الأليمة - مشاهد العذاب والنكال - الذي حلَّ
بالمكذبين لرسل الله صلى الله عليه وسلم توجهت السورة إِلى مخاطبة قريش، وحذرتهم
مصرعاً كهذه المصارع بل ما هو أشد وأنكى {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ
الدُّبُرَ* بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى
وَأَمَرُّ...} الآيات.
*
وختمت السورة ببيان مآل السعداء المتقين، بعد ذكر مآل الأشقياء
المجرمين، على طريقة القرآن في الجمع بين الترغيب والترهيب، بأسلوبه العجيب
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ
مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}.
وختمت السورة ببيان مآل السعداء المتقين، بعد ذكر مآل الأشقياء
المجرمين، على طريقة القرآن في الجمع بين الترغيب والترهيب، بأسلوبه العجيب
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ
مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}.
معجزة انشقاق القمر
سبب النزول:
نزول الآية (1 - 2):
{اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ...}: أخرج الشيخان والحاكم - واللفظ له - عن ابن مسعود قال: رأيت القمر
منشقاً شقين بمكة، قبل مخرج النّبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سُحِرَ القمر،
فنزلت: {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ
الْقَمَرُ...}.
وأخرج محمد بن جرير وأبو داود الطيالسي والبيهقي عن عبد الله بن مسعود
قال: انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش: هذا سحر ابن
أبي كَبْشة، سحركم، فاسألوا السُّفَّار، فسألوهم، فقالوا: نعم قد رأينا، فأنزل الله
عزّ وجلّ: {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}.
{اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} أي دنت القيامة وقد انشقِ القمر
{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا} أي وإِن ير كفار قريش علامة، واضحة ومعجزة ساطعة، تدل على صدق محمد
صلى الله عليه وسلم يعرضوا عن الإِيمان
يُعْرِضُوا} أي وإِن ير كفار قريش علامة، واضحة ومعجزة ساطعة، تدل على صدق محمد
صلى الله عليه وسلم يعرضوا عن الإِيمان
{وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} أي
ويقولوا هذا سحرٌ دائم، سحر به محمدٌ أعيننا،
ويقولوا هذا سحرٌ دائم، سحر به محمدٌ أعيننا،
قال المفسرون: إِن كفار مكة
قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً فشقَّ لنا القمر فرقتين، ووعدوه
بالإِيمان إِن فعل، وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّه أن
يعطيه ما طلبوا، فانشقَّ القمر نصف على جبل الصفا، ونصفٌ على جبل قيقعان المقابل
له، حتى رأوا حراء بينهما، فقالوا: سحرنا محمد، ثم قالوا: إن كان سحرنا فإِنه لا
يستطيع أن يسحر الناس كلهم!! فقال أبو جهل: اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي
فإِن أخبروا بانشقاقه فهو صحيح، وإِلا فقد سحر محمد أعيننا، فجاءوا فأخبروا بانشقاق
القمر فقال أبو جهل والمشركون: هذا سحرٌ مستمر أي دائم
قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً فشقَّ لنا القمر فرقتين، ووعدوه
بالإِيمان إِن فعل، وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّه أن
يعطيه ما طلبوا، فانشقَّ القمر نصف على جبل الصفا، ونصفٌ على جبل قيقعان المقابل
له، حتى رأوا حراء بينهما، فقالوا: سحرنا محمد، ثم قالوا: إن كان سحرنا فإِنه لا
يستطيع أن يسحر الناس كلهم!! فقال أبو جهل: اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي
فإِن أخبروا بانشقاقه فهو صحيح، وإِلا فقد سحر محمد أعيننا، فجاءوا فأخبروا بانشقاق
القمر فقال أبو جهل والمشركون: هذا سحرٌ مستمر أي دائم
فأنزل الله
{اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ(1)وَإِنْ يَرَوْا
آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}
{اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ(1)وَإِنْ يَرَوْا
آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}
قال الخازن: وانشقاقُ
القمر من ءايات رسول الله صلى الله عليه وسلم الظاهرة، ومعجزاته الباهرة، يدل
عليه ما أخرجه الشيخان عن أنس "أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
يُريهم آية، فأراهم انشقاق القمر مرتين"
القمر من ءايات رسول الله صلى الله عليه وسلم الظاهرة، ومعجزاته الباهرة، يدل
عليه ما أخرجه الشيخان عن أنس "أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
يُريهم آية، فأراهم انشقاق القمر مرتين"
وما روي عن ابن مسعود قال "انشق القمر عل
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اشهدوا" وما روي عن جبير بن مطعم قال "انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم فصار فرقتين، فقالت قريش: سحر محمد أعيننا فقال بعضهم: لئن كان سحرنا فما
يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فكانوا يتلقون الركبان فيخبرونهم بأنهم قد رأوه
فيكذبونهم" فهذه الأحاديث الصحيحة، قد وردت بهذه المعجزة العظيمة، مع شهادة القرآن
العظيم بذلك، فإِنه أدل دليل وأقوى مثبتٍ له وإِمكانه لا يشك فيه مؤمن، وقيل في
معنى الآية: ينشق القمر يوم القيامة، وهذا قول باطل لا يحص، وشاذ لا يثبت، لإِجماع
المفسرين على خلافه، ولأن الله ذكره بلفظ الماضي {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}
وحمل الماضي على المستقبل بعيد
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اشهدوا" وما روي عن جبير بن مطعم قال "انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم فصار فرقتين، فقالت قريش: سحر محمد أعيننا فقال بعضهم: لئن كان سحرنا فما
يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فكانوا يتلقون الركبان فيخبرونهم بأنهم قد رأوه
فيكذبونهم" فهذه الأحاديث الصحيحة، قد وردت بهذه المعجزة العظيمة، مع شهادة القرآن
العظيم بذلك، فإِنه أدل دليل وأقوى مثبتٍ له وإِمكانه لا يشك فيه مؤمن، وقيل في
معنى الآية: ينشق القمر يوم القيامة، وهذا قول باطل لا يحص، وشاذ لا يثبت، لإِجماع
المفسرين على خلافه، ولأن الله ذكره بلفظ الماضي {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}
وحمل الماضي على المستقبل بعيد
{وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} أي
وكذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وما عاينوه من قدرة الله تعالى في انشقاق القمر،
واتبعوا ما زين لهم الشيطان من الباطل
وكذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وما عاينوه من قدرة الله تعالى في انشقاق القمر،
واتبعوا ما زين لهم الشيطان من الباطل
{وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} أي وكل
أمرٍ من الأمور منتهٍ إِلى غاية يستقر عليها لا محالة إِن خيراً فخير، وإِن شراً
فشر،
أمرٍ من الأمور منتهٍ إِلى غاية يستقر عليها لا محالة إِن خيراً فخير، وإِن شراً
فشر،
قال مقاتل: لكل حديثٍ منتهى وحقيقة ينتهي إِليها،
وقال قتادة:
إِن الخير يستقر بأهل الخير، والشر يستقر بأهل الشر، وكل أمرٍ مستقر بأهله
إِن الخير يستقر بأهل الخير، والشر يستقر بأهل الشر، وكل أمرٍ مستقر بأهله
{وَلَقَدْ جَاءهُمْ
مِنَ
الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} أي ولقد جاء هؤلاء الكفار من أخبار الأمم الماضية المكذبين للرسل، ما
فيه واعظ لهم عن التمادي في الكفر والضلال
مِنَ
الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} أي ولقد جاء هؤلاء الكفار من أخبار الأمم الماضية المكذبين للرسل، ما
فيه واعظ لهم عن التمادي في الكفر والضلال
{حِكمَةٌ بَالِغَةٌ} أي هذا
القرآن حكمة بالغة، بلغت النهاية في الهداية والبيان
القرآن حكمة بالغة، بلغت النهاية في الهداية والبيان
{فَمَا تُغْنِ
النُّذُرُ} أي أيَّ شيءٍ تُغني النُذُر عمن كتب الله عليه الشقاوة، وختم على
سمعه وقلبه؟!
النُّذُرُ} أي أيَّ شيءٍ تُغني النُذُر عمن كتب الله عليه الشقاوة، وختم على
سمعه وقلبه؟!
قال المفسرون: المعنى لقد جاءهم القرآن وهو حكمة تامة قد بلغت
الغاية، فماذا تنفع الإِنذارات والمواعيد لقومٍ أصموا آذانهم عن سماع كلام الله؟
الغاية، فماذا تنفع الإِنذارات والمواعيد لقومٍ أصموا آذانهم عن سماع كلام الله؟
كقوله تعالى {وما تُغني الآيات والنُذر عن قومٍ لا يؤمنون}
{فَتَوَلَّ
عَنْهُمْ} أي فأعرض يا محمد عن هؤلاء المجرمين وانتظرهم
عَنْهُمْ} أي فأعرض يا محمد عن هؤلاء المجرمين وانتظرهم
{يَوْمَ يَدْعُ
الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} أي يوم يدعو إِسرافيل إِلى شيءٍ منكر فظيع،
تنكره النفوس لشدته وهوله، وهو يوم القيامة وما فيه من البلاء والأهوال
الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} أي يوم يدعو إِسرافيل إِلى شيءٍ منكر فظيع،
تنكره النفوس لشدته وهوله، وهو يوم القيامة وما فيه من البلاء والأهوال
{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} أي ذليلةً أبصارهم لا يستطيعون رفعها من شدة الهول
{يَخْرُجُونَ
مِنَ
الأَجْدَاثِ} أي يخرجون من القبور
مِنَ
الأَجْدَاثِ} أي يخرجون من القبور
{كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ} أي كأنهم
في انتشارهم وسرعة إِجابتهم للداعي جرادٌ منتشر في الآفاق، لا يدرون أين يذهبون من
الخوف والحيرة،
في انتشارهم وسرعة إِجابتهم للداعي جرادٌ منتشر في الآفاق، لا يدرون أين يذهبون من
الخوف والحيرة،
قال ابن الجوزي: وإِنما شبههم بالجراد المنتشر، لأن الجراد
لا جهة له يقصدها، فهم يخرجون من القبور فزعين ليس لأحدٍ منهم جهة يقصدها، والداعي
هو إِسرافيل
لا جهة له يقصدها، فهم يخرجون من القبور فزعين ليس لأحدٍ منهم جهة يقصدها، والداعي
هو إِسرافيل
{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي} أي مسرعين مادّي أعناقهم إِلى
الداعي لا يتكلئون ولا يتأخرون
الداعي لا يتكلئون ولا يتأخرون
{يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}
أي يقول الكافرون هذا يوم صعبٌ شديد، قال الخازن: وفيه إِشارة إلى أنَّ ذلك
اليوم يومٌ شديد على الكافرين لا على المؤمنين كقوله تعالى {على الكافرين غيرُ
يسير} .
أي يقول الكافرون هذا يوم صعبٌ شديد، قال الخازن: وفيه إِشارة إلى أنَّ ذلك
اليوم يومٌ شديد على الكافرين لا على المؤمنين كقوله تعالى {على الكافرين غيرُ
يسير} .
قصة قوم نوح عليه السلام
ثم ذكر تعالى وقائع الأمم المكذبين وما حلَّ بهم من العذاب والنكال
تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحذيراً لكفار مكة فقال {كَذَّبَتْ
قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} أي كذب قبل قومك يا محمد قومُ نوح
تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحذيراً لكفار مكة فقال {كَذَّبَتْ
قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} أي كذب قبل قومك يا محمد قومُ نوح
{فَكَذَّبُوا
عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} أي فكذبوا عبدنا نوحاً وقالوا إِنه
مجنون، وانتهروه وزجروه عن دعوى النبوة بالسب والتخويف والوعيد بقولهم
عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} أي فكذبوا عبدنا نوحاً وقالوا إِنه
مجنون، وانتهروه وزجروه عن دعوى النبوة بالسب والتخويف والوعيد بقولهم
{لئن لم
تنته يا نوحُ لتكوننَّ من المرجومين}
تنته يا نوحُ لتكوننَّ من المرجومين}
قال أبو حيّان: لم يقنعوا بتكذيبه
حتى نسبوه إِلى الجنون أي أنه يقول ما لا يقبله عاقل وذلك مبالغة في تكذيبهم،
حتى نسبوه إِلى الجنون أي أنه يقول ما لا يقبله عاقل وذلك مبالغة في تكذيبهم،
وإِنما قال{عَبْدَنَا}تشريفاً له فمقام العبودية أعلى
مقامات القرب
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ}أي فدعا
نوح ربه وقال يا ربّ إِني ضعيف عن مقاومة هؤلاء المجرمين، فانتقم لي منهم وانتصر
لدينك،
نوح ربه وقال يا ربّ إِني ضعيف عن مقاومة هؤلاء المجرمين، فانتقم لي منهم وانتصر
لدينك،
قال أبو حيّان: وإِنما دعا عليهم بعدما يئس منهم وتفاقم أمرهم، وكان
الواحد من قومه يخنقه إِلى أن يخر مغشياً عليه وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإِنهم
لا يعلمون
الواحد من قومه يخنقه إِلى أن يخر مغشياً عليه وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإِنهم
لا يعلمون
{فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} أي
فأرسلنا المطر من السماء منصباً بقوة وغزارة،
فأرسلنا المطر من السماء منصباً بقوة وغزارة،
قال أبو السعود: وهو تمثيلٌ لكثرة
الأمطار وشدة انصبابها
الأمطار وشدة انصبابها
{وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا} أي جعلنا الأرض
كلها عيوناً متفجرة بالماء
كلها عيوناً متفجرة بالماء
{فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}
أي فالتقى ماء السماء وماء الأرض على حالٍ قد قدَّرها الله في الأزل وقضاها بإِهلاك
المكذبين غرقاً،
أي فالتقى ماء السماء وماء الأرض على حالٍ قد قدَّرها الله في الأزل وقضاها بإِهلاك
المكذبين غرقاً،
قال قتادة: قضى عليهم في أم الكتاب إِذا كفروا أن يُغرقوا
{وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} أي وحملنا نوحاً على
السفينة ذات الألواح الخشبية العريضة المشدودة بالمسامير، قال في البحر:
وذات الألواح والدُّسر هي السفينة التي أنشأها نوح عليه السلام، ويفهم من هذين
الوصفين أنها "السفينة" فهي صفة تقوم مقام الموصوف وتنوب عنه ونحوه: قميصي مسرودة
من حديد أي درع، وهذا من فصيح الكلام وبديعه، ولو جمعت بين الصفة والموصوف لم يكن
بالفصيح، والدُّسُر: المسامير
السفينة ذات الألواح الخشبية العريضة المشدودة بالمسامير، قال في البحر:
وذات الألواح والدُّسر هي السفينة التي أنشأها نوح عليه السلام، ويفهم من هذين
الوصفين أنها "السفينة" فهي صفة تقوم مقام الموصوف وتنوب عنه ونحوه: قميصي مسرودة
من حديد أي درع، وهذا من فصيح الكلام وبديعه، ولو جمعت بين الصفة والموصوف لم يكن
بالفصيح، والدُّسُر: المسامير
{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} أي تسير على وجه
الماء بحفظنا وكلاءتنا وتحت رعايتنا
الماء بحفظنا وكلاءتنا وتحت رعايتنا
{جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} أي
أغرقنا قوم نوح انتصاراً لعبدنا نوح لأنه كان قد كُذِّب وجُحد فضلُه،
أغرقنا قوم نوح انتصاراً لعبدنا نوح لأنه كان قد كُذِّب وجُحد فضلُه،
قال
الألوسي: أي فعلنا ذلك جزاءً لنوح لأنه كان نعمةً أنعمها الله على قومه
فكفروها، وكذلك كلُ نبيٍ نعمةٌ من الله تعالى على أمته
الألوسي: أي فعلنا ذلك جزاءً لنوح لأنه كان نعمةً أنعمها الله على قومه
فكفروها، وكذلك كلُ نبيٍ نعمةٌ من الله تعالى على أمته
{وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا
آيَةً} أي تركنا تلك الحادثة "الطوفان" عبرة
آيَةً} أي تركنا تلك الحادثة "الطوفان" عبرة
{فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أي
فهل من معتبر ومتعظ؟
فهل من معتبر ومتعظ؟
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} استفهام تهويل
وتعجيب أي فكيف كان عذابي وإِنذاري لمن كذب رسلي، ولم يتعظ بآياتي؟
وتعجيب أي فكيف كان عذابي وإِنذاري لمن كذب رسلي، ولم يتعظ بآياتي؟
{وَلَقَدْ
يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} أي والله لقد سهلنا القرآن للحفظ والتدبر
والاتعاظ، لما اشتمل عليه من أنواع المواعظ والعبر
يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} أي والله لقد سهلنا القرآن للحفظ والتدبر
والاتعاظ، لما اشتمل عليه من أنواع المواعظ والعبر
{فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}
أي فهل من متعظٍ بمواعظه، معتبرٍ بقصصه وزواجره؟
أي فهل من متعظٍ بمواعظه، معتبرٍ بقصصه وزواجره؟
قال الخازن: وفيه الحث على
تعليم القرآن والاشتغال به، لأنه قد يسره الله وسهله على من يشاء من عباده، بحيث
يسهل حفظه للصغير والكبير، والعربي والعجمي،
تعليم القرآن والاشتغال به، لأنه قد يسره الله وسهله على من يشاء من عباده، بحيث
يسهل حفظه للصغير والكبير، والعربي والعجمي،
قال سعيد بن جبير: يسرناه للحفظ
والقراءة، وليس شيء من كُتب الله تعالى يُقرأ كلُّه ظاهراً إِلا القرآن، وبالجملة
فقد جعل الله القرآن مهيئاً ومسهلاً لمن أراد حفظه وفهمه أو الاتعاظ به، فهو رأس
سعادة الدنيا والآخرة.
والقراءة، وليس شيء من كُتب الله تعالى يُقرأ كلُّه ظاهراً إِلا القرآن، وبالجملة
فقد جعل الله القرآن مهيئاً ومسهلاً لمن أراد حفظه وفهمه أو الاتعاظ به، فهو رأس
سعادة الدنيا والآخرة.
نورة- عضو ذهبي
- الجنس : عدد المساهمات : 2150
21
تاريخ التسجيل : 24/08/2011
الموقع : مفاتيح الجنة
رفيده- عضو متالق
- الجنس : عدد المساهمات : 1215
0
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
الموقع : مفاتيح الجنه
رد: تفسير سورة القمر من الآية 1 إلى الآية 17
رفيده كتب:
اللهم آمين ولك بالمثل غاليتي رفيده
نورة- عضو ذهبي
- الجنس : عدد المساهمات : 2150
21
تاريخ التسجيل : 24/08/2011
الموقع : مفاتيح الجنة
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة القمر من الآية 18 إلى الآية 32
» تفسير سورة القمر من الآية 33 إلى آخر السورة
» تفسير سورة الفتح من الآية 8إلى الآية 10
» تفسير سورة الذاريات من الآية 24 إلى الآية 37
» تفسير سورة النجم من الآية 19 إلى الآية 32
» تفسير سورة القمر من الآية 33 إلى آخر السورة
» تفسير سورة الفتح من الآية 8إلى الآية 10
» تفسير سورة الذاريات من الآية 24 إلى الآية 37
» تفسير سورة النجم من الآية 19 إلى الآية 32
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يوليو 31, 2018 1:57 am من طرف نورالايمان
» الأمل في حياة المؤمن
الثلاثاء نوفمبر 21, 2017 5:19 am من طرف نورالايمان
» منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بانتسابكم اليه
الأربعاء أغسطس 13, 2014 9:41 pm من طرف انور ابو البصل
» اروع ما يمكن ان تشاهد وتسمع....سبحان الله
الأحد فبراير 02, 2014 1:12 pm من طرف سفيان الخزندار
» فاتبعوني الحلقة 6 - وسائل التعليم
الأربعاء سبتمبر 18, 2013 4:34 pm من طرف 3ahd
» فاتبعوني الحلقة 5 - تعامل النبي مع المرأة
الإثنين سبتمبر 16, 2013 6:36 pm من طرف 3ahd
» هل فكرنا يوما فى
السبت سبتمبر 14, 2013 3:48 pm من طرف 3ahd
» الحلقة 4 - اوقات مباركة
السبت سبتمبر 14, 2013 3:34 pm من طرف 3ahd
» كتاب الصلاة " بَابُ صفَة صَلاة النَّبي صلى الله عليه وسلم"
السبت سبتمبر 14, 2013 1:26 pm من طرف نورة